من نوفي ساد إلى بلغراد.. الغضب الشعبي يضع الشرطة والسلطة في مواجهة مفتوحة

من نوفي ساد إلى بلغراد.. الغضب الشعبي يضع الشرطة والسلطة في مواجهة مفتوحة
احتجاجات صربيا

قال مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا يوم الثلاثاء إن صربيا لديها واجب تمكين التجمعات السلمية دون استخدام غير معقول أو مفرط للقوة الشرطية.

وأوضح المكتب في بيان على منصة "X" أن صربيا ملزمة أيضًا بمنع العنف، وفقًا لالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان، مضيفا "إن تعزيز الحوار والمسؤولية هو أفضل وسيلة للحد من التوترات الحالية".

منذ الثاني عشر من أغسطس، لم تهدأ شوارع صربيا، فالمظاهرات التي بدأت في بلدتي فيرباس وباتشكا بالانكا شمالي البلاد سرعان ما تحولت إلى احتجاجات واسعة شملت عشرات المدن، ووصلت إلى العاصمة بلغراد، ومعها تزايدت الاتهامات الموجهة للشرطة باستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين، لتتحول الأزمة إلى اختبار مفتوح بين السلطة والشارع.

منظمات حقوقية تتحرك

في الأيام الأخيرة، رفعت عدة منظمات غير حكومية دعاوى جنائية ضد ضباط شرطة بتهم تتعلق بالعنف ضد المحتجين، وفتح هذا التصعيد القانوني فتح الباب أمام مزيد من الضغوط الداخلية والدولية على وزارة الداخلية، خصوصا مع تزايد تداول صور ومقاطع فيديو توثق ما يصفه ناشطون بـ"الوحشية الشرطية".

وزير الداخلية الصربي إيفيكا داتشيتش حاول تهدئة الغضب الشعبي بقوله إن الشرطة "لا تخفي شيئا عن تصرفاتها"، مضيفا أن أي تجاوزات ستخضع للمحاسبة، لكن هذا التصريح لم يكن كافيا لوقف موجة السخط الشعبي، خاصة أن المتظاهرين يربطون ما يحدث حاليا بسياق أوسع من الفساد وغياب الشفافية في مؤسسات الدولة.

جذور الغضب

الاحتجاجات الأخيرة ليست معزولة، بل جاءت امتدادا لغضب شعبي متراكم منذ نوفمبر الماضي، عندما انهار ملجأ خرساني في محطة قطارات بمدينة نوفي ساد، وأودى بحياة 16 شخصا، تلك الكارثة فجّرت شعورا عميقا بعدم الثقة في السلطات، ودفع الطلاب والشرائح الشبابية خصوصا إلى المطالبة بالمحاسبة الجنائية والسياسية، وصولا إلى الدعوة لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة.

وشهدت صربيا خلال السنوات الأخيرة تصاعدا في وتيرة الاحتجاجات الشعبية، لا سيما بين فئة الشباب والطلاب، الذين يرون أن الفساد المؤسسي وسوء إدارة الأزمات يقوضان فرص الإصلاح والديمقراطية، وتعتبر منظمات حقوق الإنسان أن تكرار حوادث العنف الشرطي مؤشرا خطيرا على تآكل الثقة بين الدولة ومواطنيها.

وتأتي هذه التطورات في سياق إقليمي حساس، إذ تواجه دول غرب البلقان تحديات سياسية واجتماعية متشابكة، أبرزها الهجرة والبطالة وضعف البنية التحتية، ما يجعل أي أزمة داخلية مرشحة للتصعيد السريع.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية